الأحد، 14 فبراير 2010

تعيين الشيخ محمد طاهر رضوان كقائد لحملات الادريسي

في عام 1908 وصل إلى صبيا (إحدى جهات المخلاف السليماني) رجل من نسل الأدارسة هو محمد بن علي بن أحمد بن إدريس محملاً بالطموحات السياسية، فالتف حوله الناس وكون قوة، فارتابت منه الحكومة العثمانية، وحاول في عام 1910 م (1328 هـ) احتلال أبها إلاّ أنه لم يستطع نظراً للدعم الذي وصل إليها من الشريف حسين بطلب من الحكومة العثمانية،
 ولكنه عقد اتفاقاً مع إيطاليا وحصل على المال والسلاح الذي استطاع بهما الاستيلاء على صبيا وجيزان وأبو عريش. ولكن نظراً لعدم استمرار الدعم الإيطالي فقد توجه إلى بريطانيا وعقد معاهدة صداقة معها في أبريل 1915 م بواسطة المقيم الإنجليزي في عدن، وطلبت منه بريطانيا التحالف مع الشريف حسين ضد الأتراك، وقد ساعدته السفن البريطانية على احتلال القنفذة الأمر الذي لم يرضِ الشريف ووقع خلاف حولها هدد فيها الشريف حسين والإدريسي بتغيير الولاءات السياسية عدة مرات، حتى استولت القوات التركية عليها؛ إلى حين جلائها عن الجزيرة العربية ثم هزيمة الشريف على يد الدولة (السعودية).
وكمكافأة على وقوف الإدريسي مع بريطانيا جعلته الحاكم في منطقة عسير، "وأصبحت حدودها تمتد من القنفذة شمالاً، حتى مخا في الجنوب، ونجد في الشرق، والبحر الأحمر في الغرب"وهنا أحس الشريف حسين بتعاظم شأن الإدريسي فقام بإغراء أبناء أسرة آل عايض بالثورة عليه، فوجد الإدريسي نفسه في حرج .. فالشريف حسين في الشمال، والإمام يحيى في الجنوب والمتمردون من الداخل، فما كان منه إلاّ أن "كتب إلى ابن سعود - سلطان نجد - يطلب منه نجدته وإعانته على إخماد نار الثورة الداخلية التي قام بها آل عايض وأتباعهم، فما كان من ابن سعود إلاّ أن استجاب لطلب جاره "وارتبط الإدريسي باتفاق دفاعي هجومي مع أمير نجد في 30 من أغسطس 1920" بعد أن اشترطوا عليه هدم القباب والأضرحة والمزارات، "وتنص الاتفاقية على تخلي الإدريسي عن يام - أي نجران - وعن بني جماعة وسحار لصالح ابن سعود"، "وعندئذٍ أرسل إليهم سرية بقيادة ابن عمه الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي ومعه ألفين من الجنود، وكان ذلك في شعبان سنة 1338 هـ / 1921م وعندما اقترب من أبها خرج عليه ابن عائض فقام عبد العزيز بن مساعد بإرسال حسن وابن عمه محمد آل عايض إلى الرياض وتعاهدا على التضامن مع آل سعود، ولذا أمر محمد بن عايض على أبها أما حسن فبقي على موقفه.
وعندما اطمأن الإدريسي إلى استقرار حكمه بدأ التفكير في التوسع، وتخلت له بريطانيا عن ميناء الصليف واللحية ومحيطها، وعندما غادروا الحديدة في 31 يناير 1921 قاموا بتسليمها إليه، فقامت قواته بالاستيلاء على مناطق غرب صنعاء، "وبذلك تلامست حدود إمارة الإدريسي مع منطقة نفوذ الإمام يحيى الجبلية، ووقفت جبهتان في وجه بعضهما البعض، كانتا تمتدان من باجل في الجنوب إلى غرب صعدة في الشمال".
وقد أثار هذا الوضع الإمام يحيى شد ما إثارة حيث أصبحت مملكته معزولة عن العالم، فعرضت عليه بريطانيا إعطاءه الحديدة على أن يعترف بإمارة عسير، ولكنه رفض ووقعت مناوشات عديدة بينه وبين الإدريسي الذي عيّن محمد طاهر رضوان كقائد لحملاته، وهكذا ظلت إمارة عسير هي المتفوقة إلى أن توفي الأمير محمد علي الإدريسي في 20 مارس 1923 م، فتولى الإمارة ابنه الأكبر علي بن محمد علي الإدريسي ووقعت نزاعات عائلية عديدة أدت إلى ضعف الإمارة مما أدى إلى زيادة أطماع الجيران فيها.
فقام الإمام يحيى بمهاجمة الحدود الجنوبية لإمارة عسير عام 1925، وتمكن من الاستيلاء على مناطق استراتيجية مثل الحديدة واللحية والصليف وباجل، وحصلت مفاوضات عزل فيها الأمير علي وعين عمه الحسن الإدريسي على أن تضم الحديدة والمناطق المحيطة بها إلى الإمام يحيى ويظل أمير عسير خاضعاً لصنعاء. وعندما رأى الحسن الإدريسي نفسه ضعيفاً توجه إلى بريطانيا فلم تنصره فتوجه إلى الحليف القوي ابن سعود، "فبعث وفداً في أوائل فبراير 1926 / رجب 1344 هـ، إلى مكة المكرمة، برئاسة محمد بن هادي النعيمي لمقابلة الملك عبد العزيز آل سعود، وبعد أن قدم الوفد فروض الولاء والطاعة للملك، طلب منه أن يقف مع الإدارة الإدريسية في صد العدوان الذي يتهددها من قبل الإمام يحيى" ولكن ابن سعود كان مشغولاً آنذاك بتثبيت حكمه في الحجاز فلم يستجب له، فما لبث أن أرسل وفداً آخر في مايو 1926، وبين أخذٍ ورد حتى أكتوبر 1926 حيث "جرى توقيع اتفاقية بينهما وسميت هذه الاتفاقية "باتفاقية مكة"، جاءت متضمنة لما ورد في الاتفاقية القديمة التي عقدت بين الملك ابن سعود والأمير محمد الإدريسي، حيث خططت بموجبها الحدود بين البلدين، وتكفل فيها الملك ابن سعود بحماية الإمارة الإدريسية في أي مفاوضات أو معاهدات أو منح أي امتياز أو التنازل عن أية قطعة من أرض عسير لأية حكومة أجنبية إلاّ بموافقة الملك ابن سعود، على أن يعترف الملك ابن سعود بالإدريسي حاكماً على عسير طيلة حياته، وتؤول إلى ورثته من بعده".
وهكذا أحكم ابن سعود الطوق على إمارة عسير، وفي عام 1927 م / 1346 عين ابن سعود ممثلاً له في صبيا، وهكذا وبالتدريج أخذت الإتفاقية بعداً أوسع عندما بدأ ابن سعود في التدخل حتى في شؤون الإدارة الداخلية لعسير .. وهكذا أصبح منصب الإدريسي شكلياً وقلصت صلاحياته إلى حدٍ بعيد واستمر الوضع على هذا الحال حتى أواخر سبتمبر 1932 م عندما "أبرق فهد بن زعير أمير منطقة عسير وعامل الملك ابن سعود إلى عاهله يبلغه بأن الإدريسي قد اجتمع سراً في (اللحية) مع الشنقيطي والأبيض من جماعة حسن الدباغ (وهم أعضاء في حزب الأحرار الحجازي المناوئ "للحكم السعودي" جنوبي البحر الأحمر) حيث قاموا بتحريضه على إعلان الثورة ضد الملك ابن سعود، وأنهم قد أمدوه بالمال الكثير، ووعدوه بمساعدة "عبد الله بن الشريف حسين"، أمير شرق الأردن، وإن الإمام يحيى سوف يساعده كذلك"، وكان ذلك هو ما حصل بالفعل، حيث بدأ أعضاء حزب الأحرار نشاطهم في وسط القبائل لتحريضهم على الثورة ضد عامل ابن سعود، وقام الإدريسي بتوزيع السلاح على رجال القبائل الموالية له وبدأ بمهاجمة الحامية (السعودية) في جيزان في 4 نوفمبر 1932 / 6 رجب 1351 فغضب ابن سعود وأرسل رسالة إليه ولكنه لجأ إلى الحيلة حيث طمأن ابن سعود وقال له إن المسألة لا تتعدى سوء تفاهم بينه وبين الأمير فهد بن زعير، وأعلن استمرار ولائه له، ووافق على إرسال لجنة تقصي الحقائق، ولكن ما أن وصلت هذه اللجنة حتى كانت جيزان قد سقطت في أيدي رجال الإدريسي (6 نوفمبر 1932)، وحينذاك تحركت القوات (السعودية) واستعادتها، وفر الإدريسي إلى اليمن وطلب حق اللجوء السياسي من الإمام يحيى الذي أعطاه إياه على الفور فقامت القوات (السعودية) باحتلال مناطق واسعة منها صبيا، المضايا، نشار، أبو عريش، الزبارة، وفي الوقت نفسه أصدر ابن سعود أمراً بضم إمارة عسير إلى (السعودية) كما أبرق إلى الإمام يحيى طالباً منه تسليم الإدريسي .. وهكذا أسقط حكم الأدارسة على منطقة عسير وإلى الأبد.
طبيعة العلاقات (السعودية) اليمنية في المرحلة الأولى: كان الإمام يحيى يشعر دائماً بأن عسير جزءٌ لا يتجزأ من اليمن، وأنه لا بد من استعادتها في يوم من الأيام، ولذلك فقد كان متوجساً للغاية من المحاولات المحلية والأجنبية للاستيلاء عليها، ولقد رأينا كيف أن اليمن بعد أن كانت موحدة من أقصى عسير في الشمال إلى عدن في الجنوب وعمان في الجنوب الشرقي سقطت هذه الدولة مما أعزى الدولة (السعودية) الأولى على الهجوم عليها فهجموا عليها فما صمد لهم غير أمير "أبو عريش" بعد تبدل التحالفات، وهنا حدث ما يمكن اعتباره التماس الأول بين الدولة الوهابية في الجزيرة العربية والزيدية في اليمن حيث عقد الشريف حمود أبو مسمار (أمير أبو عريش) صلحاً مع الإمام المتوكل في اليمن عندما هدد الوهابيون بالهجوم عليه، ثم عاد وتحالف مع الوهابيين عندما رأى رجحان كفتهم، وفي هذا الهجوم لا تذكر المصادر التاريخية وقوع حربٍ بين الدولة (السعودية) والدولة المتوكلية في اليمن حول منطقة عسير، واستمر الحال كذلك حتى سقوط الدول (السعودية) الأولى عام 1817 م (1233 هـ).
أما أثناء حكم الدولة (السعودية) الثانية (1824 - 1891 م) فلم يستول "السعوديون" على عسير أو نجران وجيزان .. نظراً لانشغال العائلة بالصراعات الداخلية فيما بين الأمراء. واستولى محمد علي باشا على عسير بل مناطق كثيرة جنوبها (كما سبق وان ذكرنا) حتى عام 1840 حيث ولى أحد الأمراء بدلاً عنه، وفي عام 1849 وصلت القوات العثمانية للمرة الثانية إلى المنطقة واستولت عليها حتى نهاية الحرب العالمية الأولى 1918 م.
وقد قام الإمام محمد بن يحيى بمقاومة الأتراك عدة سنوات حتى خلفه ابنه الإمام يحيى آل حميد الدين عام 1904 حتى اعترف الأتراك بسلطة الأئمة الزيديين عام 1991 م وانسحبوا عام 1918، وقد ظل حكم الزيديين ضعيفاً غير قادر على الاستيلاء على مختلف مناطق اليمن، وكانت تخشى على الدوام من جارتها الجنوبية بريطانيا التي كانت قد استولت على عدن وفي فترة الضعف هذه تمكن الإدريسي من تأسيس إمارة له شمال اليمن بواسطة الدعم الإيطالي، إلى أن ضعف حكم الأدارسة فالتجؤوا إلى "السعودية" خوفاً من التهديد اليمني، ثم تمردوا على المحاولات (السعودية) للسيطرة عليهم وطلب أحد الأمراء الأدارسة حق اللجوء السياسي في اليمن، وقد كانت هذه نقطة توتر بين المملكتين، إلاّ أننا لا نستطيع هنا تحديد حادثة بعينها أدت إلى توتر العلاقات بين البلدين إلاّ أن الوضع كان ينذر بشيء من هذا القبيل منذ البداية، ولكن حدثت مجموعة من الأحداث التي أدت إلى التعجيل بالأمر، ومنها حادثة الحج اليماني (حادثة تنومة). ففي عام 1340 هـ / 1921 م توجهت قافلة من اليمنيين للحج (قدرت بـ 3000 رجل) في الوقت الذي كانت فيه الحرب جارية بين ابن سعود وشريف مكة، فما أن وصل موكب الحج إلى وادي تنومة الواقع بين جهتي بالأحمر وبالأسمر حتى بدأت القوات (السعودية) بإطلاق النار عليهم حتى قتلتهم جميعاً عدا خمسة منهم، فعادوا وأخبروا بما حدث ... وتوترت العلاقات بين البلدين رغم اعتذار عامل ابن سعود للإمام يحيى ورغم تبادل الرسائل بين ابن سعود والإمام يحيى، وقد برر "السعوديون" حينها المسألة بأنهم قد ظنوا أن الحجاج ما هم إلاّ جنود للشريف حسين متنكرين بلباس الحجيج وتحالف الإمام يحيى سراً مع الشريف حسين من أجل مساعدته ضد خصميه ابن سعود والإدريسي، وقام "بتوقيع اتفاقية صداقة (معه) في يونيو 1922 م / 27 من شوال 1340 هـ ... وقد أثارت هذه الاتفاقية حفيظة ابن سعود ... فاعتبر أن هذه الاتفاقية كانت موجهة ضده، وضد مطامحه في الجزيرة العربية"، ومما يدل على توتر العلاقات رفض الإمام يحيى حضور المؤتمر الإسلامي الذي عقده ابن سعود في مكة في البداية ثم إرسال مندوب له إليه. وقد ذكرت صاحبة كتاب (تاريخ العلاقات السعودية واليمنية) ثلاثة وفود متبادلة بين البلدين لتسوية الخلافات حول الحدود وحول منطقة عسير ونجران وجيزان حدثت في:
1 - يونيو 1926 / ذي القعدة 1345 هـ.
2 - ديسمبر 1927 / جمادي الآخرة 1346 هـ.
3 - مارس 1928 / رمضان 1346 هـ.
وقد ظل الوضع متوتراً حتى نهاية 1931 م / 1350 هـ، صدرت فيها إدعاءات من الجانبين بخرق الحدود إلى أن توصل مندوبو الجانبين إلى اتفاق في مكان يدعى النظير قرب جبل العرو الذي كان محل خلافٍ بين الجانبين، وقد أعاد فيها ابن سعود منطقة العرو للإمام يحيى لتعود جزءاً من اليمن، وكان "من أهم بنودها تسليم المجرمين السياسيين وغير السياسيين وعلى كل من الدولتين عدم قبول من يفر عن طاعة دولته أياً كان، وإرجاعه إلى بلاده فوراً، واستمرت اتصالاتهما إلى أن انتهت بعقد اتفاقية صداقة وحسن جوار، وتم التوقيع عليها في 15 يناير 1932 / 5 شعبان 1350 هـ، ولذلك فعندما طلب الإدريسي حق اللجوء السياسي من اليمن ولم تسلمه إلى ابن سعود توترت العلاقات فيما بينهما، وربما كان من الممكن الوصول إلى اتفاق نهائي بين الطرفين لولا التمرد الذي قام به الإدريسي ضد ابن سعود وطلبه حق اللجوء السياسي من اليمن في نوفمبر 1932 ولذلك فقد غضب ابن سعود كثيراً ولكن الإمام يحيى برر ذلك بأن الاتفاق إنما كان مؤقتاً لأنه لم يوقع من قبل شخص الملكين ... وهذه مشكلة تقع في كل المعاهدات والاتفاقيات حيث يحصل الاختلاف حول تفسيرها فيما بعد.
وفي مايو 1933 دخلت قوات يمنية إلى نجران بحجة إقرار السلام وتعليم أهلها أصول الإسلام، ولم يمنع هذا من عقد اجتماع بين مندوبي البلدين بعد ذلك في 9 يوليو 1933 وقد فشل هذا اللقاء وزعم أن الوفد تعرض لمضايقات من قبل الإمام يحيى الأمر الذي أدى إلى زيادة توتر العلاقات بين البلدين وتمت مراسلات بين الملكين ولكن الوضع ظل متوتراً، وأصدر ابن سعود أوامره لحشد القوات على الحدود اليمنية في 14 نوفمبر 1933، واستمر تبادل البرقيات بين الجانبين، وظلت الأمور بين مدٍ وجزر حتى تمخضت عن عقد مؤتمر في أبها في 16 فبراير 1934 الذي فشل بدوره لعدم التوصل إلى حلٍ لقضية نجران فقد إدعى كل طرفٍ تبعيتها إليه.
الحرب اليمنية (السعودية): بعد سلسلة مداولات بين الجانبين عرض ابن سعود أن تكون نجران منطقة محايدة ولكن الإمام يحيى لم يعط جواباً محدداً .. ولذلك فإن "السعوديين" بدؤوا الهجوم .. ويصف البروفيسور فاسيلييف المعركة في كتابه (تاريخ العربية السعودية) فيقول: "شن "السعوديون" هجومهم بطابورين بمحاذاة تهامة وفي الجبال. وتمكن طابور بإمرة سعود (ولي العهد آنذاك) من الاستيلاء على نجران بسرعة، ولكن تقدمه تباطأ في الجبال حيث كانت كل قرية قلعة حصينة. وتقدمت قوة بإمرة فيصل في تهامة وفي الثاني من أيار (مايو) استولت على الحديدة دون أن تخوض معركة وظهرت بعض الوحدات (السعودية) قرب تعز. ورفض ابن سعود اقتراح ابنه فيصل بالزحف على صنعاء. وقد أعاقت وعورة المنطقة تقدم "السعوديين" لأنهم لم يعتادوا خوض معارك في الجبال".
وقد بدأت المفاوضات في 15 مايو 1934 بين الوفدين وتوصلا إلى عقد معاهدة سميت "معاهدة الطائف"، "ونشرت في الصحف الرسمية في مكة وصنعاء وفي القاهرة ودمشق في وقت واحد ويبدو أنه قد تدخلت عدة أمور دفعت كلا الطرفين إلى قبول الدخول في هذه المفاوضات أهمها:
1 - التنافس الاستعماري على المنطقة .. فعندما دخلت القوات "السعودية " ميناء الحديدة وصلت إلى الميناء سفن إيطالية وأخرى فرنسية، ورأت بريطانيا أنه قد لا يكون من الأفضل السماح لابن سعود باحتلال مناطق أكثر لحفظ التوازنات الإقليمية.
2 - وجود بوادر مقاومة من قبل الإمام يحيى للغزو السعودي.
3 - عدم إمكانية الاستمرار في الزحف والاحتلال وذلك للطبيعة الجبلية التي تمتاز بها المنطقة فصحيح أن القوات (السعودية) قد اعتادت على الحرب في مناطق صحراوية ولكنها لم تألف قط الحرب في مناطق جبلية.
وأرجع البعض انسحابات القوات اليمنية بنقص التسليح لـديها مقابل تـرسانة الأسلحـة (السعودية) التي كانت بريطانيا تمدها بها وكذلك عدم اعتياد القوات اليمنية على الحرب في الصحارى، ولذلك شبه أحد الكتاب الحرب بين الطرفين بالحرب بين الفيل والحوت لأن بدو ابن السعود لن يستطيعوا القتال في الأقاليم الجبلية، اليمنية الوعرة، كما لا يستطيع اليمنيون القتال في صحاري نجد ولذلك فقد اضطر الجانبان للدخول في مفاوضات وقد كان الإمام يحيى في حالة تعب وضعف كبيرين من حالة الحرب رغم أن ابنه أحمد كان مصمماً على مواصلة الحرب بل إنه استمر فيها لفترة وجيزة بعد توقيع اتفاقية الطائف، ولذلك فقد استطاع ابن سعود فرض شروطه على الإمام، والمتمثلة في إخلاء نجران وجبال عسير تهامه وتسليم الأدارسة إليه، وماطل الإمام يحيى في الشروط ولكنه اضطر بعد ذلك إلى القبول بإخلاء المناطق المذكورة وان يتم تسليم الإدريسي إلى لجنة الوساطة الإسلامية، ولكن ابن سعود أصر على ضرورة تسليمهم إلى الجيش (السعودي).
وفي 22 / 4 / 1934 الموافق 8 / 1 / 1353 هـ قبل الإمام يحيى جميع شروط ابن سعود وشرع في الإنسحاب من المناطق المتفق عليها، وتم تسليم الحسن الإدريسي وعبد العزيز الإدريسي إلى فيصل في الحديدة كما سلم باقي أفراد العائلة وعددهم 300 شخص، "وعلى أساس ذلك صدق الملك عبد العزيز معاهدة الطائف في 25 صفر 1353 هـ (7 يونيو 1934 م) وصدقها الإمام يحيى في 7 ربيع الأول 1353 هـ (19 يونيو 1934 م) وبعد ذلك سلم عبد الوهاب الإدريسي إلى فيصل، وهكذا تم تنفيذ جميع شروط الصلح. وفي 15 يونيو 1934 سمح ابن سعود لمبعوث الإمام (عبد الله الوزير) بالعودة إلى وطنه اليمن بعد أن كان قد احتجز في "السعودية" للضغط على إمام اليمن (خلاف المواثيق الإسلامية والانسانية).
وحددت المعاهدة بعشرين عاماً كما تقول المادة الثانية والعشرين: "وتظل سارية المفعول مدة عشرين سنة قمرية تامة ويمكن تجديدها أو تعديلها خلال الستة أشهر التي تسبق انتهاء مفعولها فإن لم تجدد أو تعدل في ذلك التاريخ تظل سارية المفعول إلى ما بعد ستة أشهر من إعلام أحد الفريقين المتعاقدين الفريق الآخر رغبته في التعديل" (انظر ملحق رقم 1).
وهكذا نلاحظ خلال هذه المرحلة من العلاقات بين (السعودية) واليمن أن (السعودية) استغلت حالة الضعف والتشتت ونقص المعدات العسكرية لدى اليمن وقامت بالضغط العسكري عليها وقامت باحتجاز المفاوض اليمني (عبد الله الوزير) واستغلت الدعم البريطاني لها من أجل فرض شروطها عليها بينما نلاحظ التنازل (السعودي) عن منطقة في واحة البريمي تحت الضغط البريطاني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


محمد بن علي الإدريسي



 

الحقوق محفوظة 2009 | موقع الشيخ محمد طاهر رضوان | خلاصة المواضيع | خلاصة التعليقات

| Copyright © 2009 - Blogger Template Designed By Simrandeep Singh

') }else{document.write('') } }